.png)
حياة سائقي الشاحنات: أبطال الطرق الذين يعيشون بين العجلات والمسافات
على امتداد الطرق الطويلة التي تمتد من مدينة إلى أخرى، هناك أبطال غير مرئيين يقضون حياتهم في مقاعد القيادة، متأرجحين بين الشوارع الوعرة والتضاريس القاسية. هؤلاء هم سائقي الشاحنات، الذين يعيشون حياتهم على الطريق، محملين بالمسؤوليات والصعوبات التي لا يعرف عنها الكثيرون.
رحلة مليئة بالتحديات
تبدأ حكاية السائق حين يودع عائلته ويغادر منزله، محملًا بحمولات ثقيلة ومتطلبات صارمة لإيصال البضائع في الوقت المحدد. الطريق ليس دائمًا مُعبّدًا بالسلاسة؛ فهناك طرق طويلة ومملة تمتد لساعات، وأحيانًا تكون وعرة وشديدة الانحدار، تتطلب مهارات قيادة استثنائية وتركيزًا عاليًا. أضف إلى ذلك تقلبات الطقس التي تجعل الرحلة أكثر صعوبة: من حرارة الشمس الحارقة في مناطق الصحارى إلى برودة القطب في المناطق الجبلية.
بين الحرارة والبرودة
تصور سائق شاحنة ينطلق من منطقة حارة حيث تصل درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية، لينتهي به المطاف في منطقة جبلية ثلجية. هذا الانتقال المفاجئ لا يؤثر فقط على أداء الشاحنة، بل يؤثر أيضًا على صحة السائق. التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة ترهق الجسم، وقد تؤدي إلى نزلات برد شديدة أو إجهاد حراري، مما يجعل المهمة أكثر صعوبة.
الجانب العاطفي: الغربة والحنين
أحد سائقي الشاحنات، أحمد، يروي قصته: “في كل مرة أضع رأسي على المقعد وأمسك عجلة القيادة، أشعر بثقل المسؤولية. أشتاق لعائلتي وأطفالي، وأفتقد رؤية وجوههم واحتضانهم. الطريق طويل وموحش، لكنني أعلم أن ما أفعله يوفر لهم حياة كريمة.” أحمد ليس وحده في هذه المشاعر؛ فمعظم السائقين يعيشون في غربة مستمرة، يقضون أيامًا وأحيانًا أسابيع بعيدًا عن منازلهم.
الصحة الجسدية والنفسية
لا تتوقف التحديات عند حدود الظروف الخارجية، بل تمتد إلى الجانب الصحي. الجلوس الطويل لساعات يؤثر على العمود الفقري، وعدم الانتظام في مواعيد الطعام يؤدي إلى مشاكل في الهضم. كما أن الضغط النفسي الناتج عن الالتزام بالمواعيد ومواجهة المخاطر المستمرة يترك أثرًا كبيرًا على حالتهم النفسية.
تقدير غير كافٍ
رغم الدور الحيوي الذي يلعبه سائقي الشاحنات في تحريك عجلة الاقتصاد ونقل البضائع التي يعتمد عليها الجميع، إلا أنهم غالبًا ما يعانون من قلة التقدير. يحتاج هؤلاء الأبطال إلى دعم حقيقي من المجتمع، سواء من خلال تحسين ظروف عملهم أو توفير خدمات صحية ودعم نفسي لهم.
كلمة أخيرة
سائقي الشاحنات هم جنود الطرق الذين يعملون بصمت لتحريك الحياة. رحلاتهم ليست مجرد تنقل بين نقطة وأخرى، بل هي قصص إنسانية مليئة بالتحديات والتضحيات. علينا أن نرفع القبعة احترامًا لهم، وأن نعمل على تحسين ظروفهم لنجعل من حياتهم على الطريق رحلة أقل صعوبة وأكثر أمانًا.
.jpg)
RODUD
ريم الجهني
